الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم لمن نسي شيئاً

حَكَمَ بعضُ المعاصرين على مَنْ صلى على النبي صلى الله عليه وسلم ليتذكر شيئاً بالبدعة.

والحق أنَّ ذلك ليس بدعةً ولا ممنوعاً للأسباب التالية:

الأول: أن الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم في هذا الموطن واردةٌ في حديث ضعيف، والأحاديث الضعيفة لا مانع من الاستئناس بها في فضائل الأعمال، وقد حكى الإمام النووي الإجماع على ذلك.
خَرَّجَ أبو موسى المديني من طريق محمد بن عتاب المروزي: حدثنا سعدان بن عبيدة أبو سعيد المروزي: حدثنا عبيد اللَّه بن عبد اللَّه العتكيّ، عن أنس بن مالك- رضى اللَّه تبارك وتعالى عنه- قال: قال رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم: إذا نسيتم شيئا فصلوا على تذكروه إن شاء اللَّه تعالى.
قال الحافظ أبو موسى وقد ذكرناه من غير هذا الطريق في كتاب (الحفظ والنسيان) .

وقد أورد ذلك دون نكير الإمام ابن القيم في جلاء الأفهام في فضل الصلاة والسلام على محمد خير الأنام (ص: 429) قال: (فصل: الموطن الثاني والثلاثون من مواطن الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم إذا نسي الشيء أو أراد ذكره )

كما أورده الإمام تقي الدين المقريزي (المتوفى: 845هـ) في كتابه إمتاع الأسماع (11/ 146) تحت عنوان (الموطن الثاني والثلاثون من مواطن الصلاة على النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم: إذا نسي العبد شيئا وأراد ذكره)

وأورده الإمام  أحمد بن محمد القسطلاني (المتوفى: 923هـ) في
 المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (2/ 672) وهو يعدد المواطن التي تشرع الصلاة فيها على النبي صلى الله عليه وسلم تحت عنوان: (ومنها: عند نسيان الشىء)،

كما أورده الإمام الحافظ السخاوي في القول البديع في الصلاة على الحبيب الشفيع (ص: 227) فقال: (وأما الصلاة عليه لمن نسي شيئاً وأراد تذكره وكذا لمن خاف النسيان فعن أنس رضي الله عنه قال: قال صلى الله عليه وسلم إذا نسيتم شيئاً فصلوا علي تذكروه إن شاء الله تعالى أخرجه أبو موسى المديني بسند ضعيف. 

وعن عثمان بن أبي حرب الباهلي عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من أراد أن يحدث بحديث فنسيه فليصل علي فإن في صلاته علي خلفاً من حديثه وعسى أن يذكره أخرجه الديلمي هكذا وسنده ضعيف، وهو عند ابن بشكوال وأوله من هم بأمر فشاور فيه وفقه الله لرشد أمره، ومن أراد ان يحدث فذكر مثله سواء. 
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: من خاف على نفسه النسيان فليكثر الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم. أخرجه ابن بشكوال بسند مقطع).

كما أورده الإمام الفقيه ابن حجر الهيتمي في الدر المنضود في الصلاة والسلام على صاحب المقام المحمود (ص: 238).

السبب الثاني: أن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم سبب لصلاة الله على العبد، وإذا صلى الله على العبد حصل على النور الذي ينير له طريقه، ويطهر سريرته، قال الله تعالى: {هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ} [الأحزاب: 43].

السبب الثالث: أن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم سببٌ لزوال الهموم، وإذا زالت الهموم، حدث الصفاء، وتأهل الإنسان لتذكر ما نسيه، وقد قال صلى الله عليه وسلم لمن لزم الصلاة عليه: (إذا تكفى همك، ويغفر لك ذنبك) رواه الترمذي والحاكم في المستدرك وصححه ووافقه الذهبي.

السبب الرابع: أن الله تعالى قال: {وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ} [الكهف: 24]، ولا شك أن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم مِنْ ذِكْرِ الله، فالاستدلال بهذه الآية على بدعية الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم عند إرادة التذكر غفلة.

والله الموفق
كتبه الفقير إلى عفو الله
د. سيف علي العصري
14 ربيع الآخر 1435هـ
الموافق 14/2/2014

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

أنا الفقير إلى الله سيف بن علي العصري

مقالان للعلامة يوسف الدجوي المالكي في التوسل والاستغاثة