الصحابة لم يحتفلوا بالمولد النبوي
لو كان الإنسان في مجلس وفيه الإمام شيخ الإسلام أبو شامة المقدسي
وشيخ الإسلام تقي الدين السبكي وشيخ الإسلام الحافظ ابن حجر العسقلاني وبقية
الأئمة الذين يرون مشروعية الاحتفال بالمولد النبوي الشريف وقال قائل: إنَّ من
اختار الاحتفال بمناسبة المولد النبوي فقد اختار غير طريق رسول الله صلى الله عليه
وسلم، وغير طريق أصحابه، وغير طريق التابعين، وأنهم تركوا الاقتداء بسلف الأمة لما
قبلوا منه قوله ...
فالأمر ليس كذلك ...
وظني أنَّ هؤلاء الأئمة الذين يرون مشروعية الاحتفال بالمولد
سيقولون: لك أن تختار عدم الاهتمام بهذه الليلة ... ولكن لا تنسب فعلك هذا إلى النبي
صلى الله عليه وسلم والصحابة والسلف ...
لأن ((هذه الصورة)) من ((الاهتمام)) لم تكن في ((عصرهم)) ومن ثَــمَّ
فليس لهم ((حُكْمٌ عليها)) لا بمشروعيتها ولا بعدم مشروعيتها ... ولا يطالب الجد الذي في قبره أن يسمي المولود الذي خرج إلى الدنيا بعده
...
((الحوادث)) إنما ينظر فيها العلماء ((بعد ولادتها، أي بعد حصولها))
..
وهذه ((الحادثة)) المكونة من ((قرآن، وسيرة وإنشاد وإطعام)) مكونة من
((مجموعة سنن)) فليس المولد إلا ((سنناً مجتمعة)) فلا مبرر لمنعه ....
ولذا تتابع أكثر العلماء
الذين وضعوا ((هذا المولود الجديد= أعني هذا الأمر الحادث)) في ((ميزان الشريعة)) على
استحسانه لكونه كما سبق ((سنن مجتمعة
= قرآن وسيرة وإطعام))
فالقول بأن الصحابة والتابعين وتابعي التابعين يرون ((مشروعية الاحتفال))
بهذه الصورة .. أو ((لا يرون مشروعيتها)) هو من المغالطة التي يقع فيها ((المحتفلون))
((وغير المحتفلين)) ...
نعم الصحابة لم يحتفلوا بالمولد الشريف بهذه ((الصورة المحددة
أعلاه)) ... ولكنهم احتفلوا برسول الله صلى الله عليه وسلم بطريقتهم وأسلوبهم ... (فأصل الاهتمام بيوم المولد) نبه عليه النبي صلى الله عليه وسلم
عندما سئل عن صيام يوم الاثنين فقال: (ذاك يوم ولدت فيه)، وصامه الصحابة.
كان الصحابة على عناية تامة بسيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويعلمون
ذلك لأبنائهم كما يعلمونهم السورة من القرآن، فما حاجتهم أن يتدارسوا بعض سيرته
وهو بينهم وهم يتنعمون به صباح مساء.
الاحتفال بمولده الشريف صلى الله عليه وسلم هو مجلس لمعرفة سيرته، وشكر
الله على مولده وبعثته، والصحابة فعلوا (أصل ذلك) فقد كانوا يعقدون المجالس لتذكر إنعام
الله عليهم برسول الله صلى الله عليه وسلم، جاء في مسند أحمد وسنن النسائي أن رسول
الله صلى الله عليه وسلم سألهم عن سبب جلوسهم فقالوا: (جلسنا ندعو الله ونحمده على
ما هدانا لدينه، ومن علينا بك). فما كان الصحابة بحاجة لإحياء مناسبات كهذه.
د. سيف علي العصري
تعليقات
إرسال تعليق